أجهزة الأمن الجديدة في سوريا: الطريق إلى بناء الثقة

أجهزة الأمن الجديدة في سوريا: إزالة الأقنعة لاستعادة الثقة

مع دخول سوريا مرحلة جديدة من إعادة البناء بعد سقوط النظام السابق، برزت تحديات عديدة تتعلق بدور الأجهزة الأمنية المستحدثة في تحقيق الأمن والاستقرار. رغم الجهود المبذولة، إلا أن اعتماد بعض العناصر الأمنية على ارتداء الأقنعة التي تخفي هويتهم أثار جدلاً واسعاً، حيث يرى كثيرون أن هذه الممارسة تحول دون بناء علاقة قائمة على الثقة بين الأهالي وأجهزة الأمن.

الأقنعة: أداة حماية أم حاجز ثقة؟
ساهم انتشار عناصر الأمن الجديدة في تعزيز حالة الأمان، إلا أن الأقنعة التي يرتديها بعضهم حالت دون التعرف عليهم، مما أضعف قدرة المجتمعات المحلية على التواصل معهم. هذا الغموض خلق ثغرات استغلها من وصفهم الأهالي بـ”ضعاف النفوس”، حيث ارتكبوا جرائم وسرقات متنكرين بزي مشابه لعناصر الأمن.

شهادات من محافظات مثل حمص وطرطوس وريف دمشق أشارت إلى أن العديد من حوادث الترهيب والتخريب نفذها أفراد ملثمون ادعوا انتماءهم للأجهزة الأمنية، لكنهم كانوا في الحقيقة عصابات مارقة استهدفت زعزعة الاستقرار. ورغم أن الأجهزة الأمنية نفت مراراً صلتها بهؤلاء، إلا أن استمرار ظاهرة الأقنعة أثار استياء المواطنين وأضعف الثقة.

دعوات لإنهاء ظاهرة الأقنعة وتنظيم الأجهزة الأمنية
طالب الأهالي بضرورة إنهاء استخدام الأقنعة وتنظيم عمل الأجهزة الأمنية لتكون أكثر وضوحاً وقرباً من المجتمع. معرفة هوية العناصر، توحيد اللباس الرسمي، وتحديد نقاط الانتشار تعد خطوات أساسية لتعزيز الثقة. كما أن وضوح هوية المسؤولين عن الأمن يمكن المواطنين من التمييز بين العناصر الرسمية وأولئك الذين ينتحلون شخصياتهم.

استجابةً لهذه المطالب، أعلنت إدارة العمليات العسكرية في بعض المحافظات مثل طرطوس واللاذقية قراراً يمنع تجول الملثمين، حتى لو كانوا ينتمون إلى جهات رسمية. ومع ذلك، لم يتم القضاء على هذه الظاهرة بالكامل، حيث ما زال هناك حضور محدود للعناصر الملثمة في بعض المناطق.

خطوات لتحقيق الأمن وبناء مجتمع متماسك
بناء علاقة إيجابية بين أجهزة الأمن والمجتمعات يتطلب عدداً من الإجراءات التنظيمية الواضحة، مثل:

توحيد اللباس الرسمي والسيارات: لضمان سهولة التعرف على العناصر الأمنية.
تفعيل قنوات التواصل: تخصيص أرقام للإبلاغ عن الانتهاكات أو الحوادث، مما يساعد على التعامل الفوري معها.
تنظيم دور الأجهزة القضائية: لإصدار الأوامر والتصاريح المتعلقة بالتفتيش أو ضبط المخالفات.
“أحمد الشرع”، أحد المسؤولين في إدارة العمليات العسكرية، دعا إلى التحول من عقلية الفصائل إلى عقلية الدولة، معتبراً أن ذلك هو السبيل لتحقيق نظام أمني مستقر يخدم المواطنين بفعالية.

نحو مستقبل آمن ومستقر
تعيش سوريا لحظة مفصلية تستدعي استجابة حاسمة لمطالب المواطنين بإزالة الأقنعة وتعزيز وضوح الأجهزة الأمنية. هذه الخطوات ليست مجرد حاجة أمنية، بل هي شرط أساسي لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع. بتحقيق هذه المتطلبات، يمكن للسوريين أن يخطوا نحو مستقبل أكثر أماناً واستقراراً، حيث تكون العلاقة بين الأمن والمجتمع قائمة على الشفافية والتعاون.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة حجب إعلانات

قم بتعطيل إضافة حجب إعلانات حتى تتمكن من زيارة الموقع